إعلان المجاعة في غزة: فهم السياق والآثار القانونية
يحمل إعلان المجاعة في غزة آثارًا قانونية وإنسانية وسياسية عميقة، نظرًا للحصار الإسرائيلي المستمر منذ 65 يومًا، والاتهامات الموجهة لكبار المسؤولين الإسرائيليين بارتكاب جرائم حرب.
سياق الإعلان: يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا شاملًا على قطاع غزة منذ 2 مارس/آذار 2025، بوسائل عسكرية، ما تسبب باستنفاد الإمدادات الغذائية بشكل شبه كامل، ومعاناة أكثر من 70,000 طفل من سوء التغذية الحاد، وتزايد الوفيات بسبب المجاعة أو المرض.
من صلاحيلات الحكومات و/أو منظمات الأمم المتحدة إعلان حالة المجاعة. وأعلنت الحكومة الفلسطينية المجاعة في 7 مايو/أيار 2025، وحمّلت الحكومة الإسرائيلية مسؤولية المجاعة بصفتها القوة المحتلة.
"إسرائيل" هي القوة المحتلة لقطاع غزة وفقًا لمحكمة العدل الدولية، وهي مُلزمة بضمان وصول الإمدادات الغذائية والطبية إلى سكان غزة.
تحليل التداعيات القانونية الرئيسية:
يُعدّ التسبب في المجاعة جريمة حرب بموجب القانون الدولي العرفي والقانون الدولي الإنساني، كما يُعتبر التجويع جريمة حرب:
* بموجب المادة 8(2)(b)(xxv) من نظام روما الأساسي، يُعدّ تجويع المدنيين عمدًا كأسلوب من أساليب الحرب "جريمة حرب" في النزاعات المسلحة الدولية.
* لأن تجويع الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين متعمد (وقد أعرب عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين عن ذلك صراحةً)، فإن هذا سيؤدي إلى اتخاذ المحكمة الجنائية الدولية إجراءات إضافية.
*تحظر اتفاقيات جنيف (البروتوكول الأول، المادة 54) حرمان المدنيين من الطعام والماء كأسلوب من أساليب الحرب.
*يُدين القانون الدولي الإنساني العرفي وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (2417، 2018) أساليب التجويع.
إن إعلان المجاعة في غزة يعني أن "إسرائيل"، كقوة احتلال، تنتهك أيضًا المواد التالية في القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي:
*بموجب اتفاقية جنيف الرابعة (المادتان 55 و59)، يجب على الاحتلال الإسرائيلي ضمان وصول الإمدادات الغذائية والطبية إلى سكان غزة.
*وقد قضت محكمة العدل الدولية (يناير 2024) بأن على "إسرائيل" منع أعمال الإبادة الجماعية، بما في ذلك ضمان وصول المساعدات الإنسانية.
مسؤوليات الدول الثالثة:
بما أن هذه المجاعة ناتجة عن أفعال دولة، فإن ذلك يُحمّل الدول الثالثة بعض المسؤوليات وفقًا للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي:
المساعدات الدولية والالتزامات القانونية بالتدخل
* ينبغي أن يفضي إعلان المجاعة قانونيًا إلى إيصال المساعدات عبر الحدود دون موافقة "إسرائيل" (على سبيل المثال، من خلال تدابير الطوارئ التي تتخذها الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعم وحماية أسطول الحرية، إلخ).
* قد تواجه الدول المتواطئة في عرقلة المساعدات (على سبيل المثال من خلال حجب التمويل عن الأونروا، أو السماح بنقل الأسلحة إلى "إسرائيل") تحديات قانونية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
* يمكن الاستشهاد بالتدخل القسري من قبل دول ثالثة من خلال مبدأ "مسؤولية الحماية"، لفرض ممرات المساعدات غير التوافقية (أي بدون موافقة حكومة الاحتلال)، وذلك إذا وافق مجلس الأمن الدولي أو صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة عليه.
آليات المساءلة القانونية:
*الملاحقات القضائية أمام محكمة الجنايات الدولية: تُجري محكمة الجنايات الدولية تحقيقات بالفعل في غزة؛ وقد تُضيف المجاعة تهمًا إضافية ضد المسؤولين الإسرائيليين.
*قضية محكمة العدل الدولية (جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل"): يُمكن لجنوب أفريقيا تعديل قضيتها المتعلقة بالإبادة الجماعية لتشمل ظروف المجاعة كدليل على نية الإبادة الجماعية (وفقًا لاتفاقية الإبادة الجماعية، المادة الثانية (ج)).
* قضايا الولاية القضائية العالمية: ينبغي على الدول الثالثة مقاضاة المسؤولين الإسرائيليين بموجب قوانين الولاية القضائية العالمية المحلية.
الإجراءات السياسية والدبلوماسية:
العقوبات وحظر الأسلحة:
*ينبغي على الدول فرض عقوبات مُحددة على المسؤولين الإسرائيليين لعرقلة المساعدات.
*ينبغي على الدول فرض حظر أسلحة ثنائي الاتجاه على الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك نقل الأسلحة من قِبل أطراف ثالثة إلى "إسرائيل". تنتهك "إسرائيل" بشكل مباشر العديد من القوانين الوطنية في مختلف البلدان، على سبيل المثال قوانين ليهي الأمريكية، حيث يمكن ربط التجويع بالمساعدات الأمريكية العسكرية.
*ينبغي على الدول، من خلال التحالفات أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، فرض وصول المساعدات الإنسانية عبر إنهاء الحصار غير القانوني على غزة، من خلال فتح المعابر واستخدام أساليب مختلفة لضمان وصول الإمدادات الإنسانية والمعدات الطبية وموظفي الطوارئ والمعدات إلى السكان المنكوبين.
*قد يجد المسؤولون في دول ثالثة، الذين لا يتخذون إجراءات ضد الحصار الإسرائيلي، بما في ذلك وقف نقل الأسلحة والضغط على الاحتلال الإسرائيلي، أنفسهم متهمين أمام محاكمهم الوطنية لتقاعسهم تجاه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني.