الثلاثاء الحمراء… جمرة أطلقت شرارة ثورة 1936

يصادف اليوم الثلاثاء 17 حزيران 2020، الذكرى التسعون لإعدام أبطال ثورة البراق محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي.

 

اندلعت أحداث ثورة البراق في 16 آب 1929، إثر التظاهرة والصلاة الاستفزازية التي قامت بها حركة “بيتار” الصهيونية[1] أمام حائط البراق في اليوم السابق. بعدها بيوم وكان عيد المولد النبوي نظّم الفلسطينيون مسيرة حاشدة انطلقت من المسجد الأقصى احتجاجاً على المساس بالمقدسات الإسلامية، وألقيت فيها العديد من الخطب عن الخطر الصهيوني المحدق بفلسطين ومقدساتها الإسلامية.

 

تعرّضت هذه المسيرة للاعتداء عليها من قبل حركة “بيتار” نفسها. وجرت اشتباكات بين الفلسطينيين والمستوطنين، لم يكن البوليس البريطاني فيها محايداً إنما استهدف الفلسطينيين في قمعه، كما قال تقرير لجنة “شو” المقدم لعصبة الأمم.

 

على إثر هذه الأحداث وانتشار أخبارها في المدن والقرى الفلسطينية، خرجت المظاهرات المنددة بالمستوطنين اليهود والمطالبة بالثأر، لتندلع  موجة من العنف بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود. اتسعت رقعة الاشتباكات حتى عمّت المدن الفلسطينية كافة من بئر السبع جنوباً حتى صفد شمالاً، مما اضطر حكومة الانتداب البريطاني لاستقدام تعزيزات عسكرية من قواتها المرابطة في شرقي الأردن ومصر لقمع الثورة التي استمرت حوالي أسبوعين.

 

كانت حصيلة الاشتباكات مقتل 133 يهودياً وإصابة 339، صنف أكثر من نصف هذه الإصابات بالخطيرة، فيما قتل 116 فلسطينياً وجرح 232. كما اعتقلت القوات البريطانية آلاف الأسرى الفلسطينيين، وحكم على 26 منهم بالإعدام، إلا أنه تم تخفيف حكم 23 منهم إلى حكم مؤبد، فيما أُبقي الحكم بالإعدام على أبطلنا الثلاثة اللذين خلدهم التراث الشعبي بالكثير من المقولات والأشعار، كان أشهرها قصيدة الشاعر نوح إبراهيم “من سجن عكا”.

 

أما النتائج غير المباشرة لهذه الأحداث فكان خروج اليهود من حارتهم في الخليل، إضافة إلى إصدار بريطانيا كتابها الأبيض الثالث عام 1930، الذي جاء بعد الكتاب الأبيض الثاني الذي أقرّ بحق المسلمين في ملكية حائط البراق، في هذا الكتاب حاول الإنجليز فرض مجلس تشريعي من العرب واليهود وتشكيل حكومة يرأسها المندوب السامي البريطاني، رفض العرب والمستوطنون معاً هذا الكتاب، مما اضطر الحكومة البريطانية لسحبه.

 

شكلت ثورة البراق امتداداً للهبات الفلاحية في قرى مرج ابن عامر التي هجرت نتيجة بيع عائلة سرسق أراضي المرج للوكالة اليهودية، كما شكّلت بداية لانتظام العمل الجماهيري الفلسطيني على مستوى الوطن كافة، وليس في مناطق محددة، وهو ما أسس لضغطٍ شعبي دفع إلى الإضراب الكبير في نيسان عام 1936.