مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني الستّ تطالب بخطوات فعلية لإلغاء التصنيف الإسرائيلي الخطير

بالاجتماع الذي نظّمه مركز “كارتر” في رام الله في السادس من نيسان/ إبريل 2022 وأكّدت على أهميته لإظهار التضامن والدعم للمجتمع المدني وحقوق الإنسان في فلسطين. وشمل المتحدثون/ات في المؤتمر الصحفي كلاً من السيدة بايج أليكسندر، الرئيسة التنفيذية لمركز “كارتر”، والمحامية سحر فرانسيس، المديرة العامة لمؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والسيد شعوان جبارين، المدير العام لمؤسسة الحق. شدّدت السيدة أليكسندر على الدور المهم الذي يلعبه المجتمع المدني في حماية حقوق الإنسان، وعلى أنّ هذا التصنيف الإسرائيلي يحول دون قيام هذا المجتمع بدوره المهم. كما دعت المجتمع الدولي إلى الاستمرار في الضغط على السلطات الإسرائيلية لإلغاء تصنيفها المفروض على المنظمات الفلسطينية الست.

وجاء في البيان الذي وزّعته “الحق” خلال المؤتمر الصحفي ما يلي:

مرّت أكثر من خمسة أشهر على تجريم الاحتلال الإسرائيلي لستّ مؤسسات مجتمع مدني وحقوق إنسان فلسطينية رائدة في أمره العسكري الصادر في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، وذلك بعد أسبوعين من إعلان ما يسمى بوزير “الدفاع” الإسرائيلي تصنيف هذه المؤسسات تعسفياً بأنها “إرهابية” في التاسع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2021. وقد أدانت مؤسسات حقوق الإنسان الدولية وهيئات الأمم المتحدة بصورة واسعة هذه الخطوة الخطيرة وغير المسبوقة باعتبارها “هجوماً واضحاً على حركة حقوق الإنسان الفلسطينية بصورة خاصة وعلى حقوق الإنسان في كل مكان في العالم”. كما أدانت الدول الأطراف، بما فيها الاتحاد الأوروبي، هذه الخطوة، إلا أن هذه الإدانة جاءت للأسف على نحو أكثر فتوراً ودون اتخاذ أي خطوات فعلية.

يمثّل هذا التجريم تصعيداً غير مسبوق يتوّج عقوداً طويلة من حملات المضايقات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، كما يعتبر خطوة أخرى في توسيع الضمّ الإسرائيلي للضفة الغربية من خلال تطبيق القانون الإسرائيلي على المؤسسات الفلسطينية، بالإضافة إلى إسهامه في ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على المجتمع الفلسطيني من خلال إعادة هيكلة المساحات والفضاءات المخصصة للمجتمع المدني الفلسطيني. كما تبدو العواقب الوشيكة لهذه الخطوة خطيرةً بصورة كبيرة، إذ يسمح هذا القرار لسلطات الاحتلال الإسرائيلي أن تقتحم مكاتب المؤسسات المستهدفة وتصادر كافة أصولها وتعتقل موظفيها/اتها تعسفاً، وتمنع أي مصدر تمويل أو حتى أي دعم علني لنشاطاتها وعملها.

اتخذت مؤسساتنا، ممثلة بمركز عدالة القانوني ومكتبي المحاميين مايكل سفارد وجواد بولس، منذ صدور هذا القرار خطوات رسمية للاعتراض على الأسس التي يقوم عليها الأمر العسكري. وفي السادس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، أرسل فريقنا القانوني رسالة إلى السلطات الأمنية الإسرائيلية يطالبها فيها بالكشف عن كامل الأدلة التي شكّلت أساساً لهذا التصنيف، وفي الثاني من كانون الثاني/ يناير 2021 جاء ردّ المدعي العسكري الإسرائيلي عليها قائلاً: “إن جوهر هذه التصنيفات مبني على معلومات سرية لا يمكن الكشف عنها”. تلا ذلك إرسالنا اعتراضاً إجرائيًا على الأمر العسكري الذي وضحنا فيه عدم قانونية هذا القرار وغياب الإجراءات القانونية الواجبة وعدم وجود أي أسس ثبوتية له.

وقد بدأت مؤسساتنا اليوم بالفعل أن تشعر بالأثر السلبي المترتب على هذا القرار وانعكساته عليها. لا سيما الدور الذي تلعبه هذه التصنيفات في عرقلة الخدمات المهمة التي تقدمها المؤسسات للفئات المهمشة والأكثر عرضة للخطر، بما فيها النساء والأطفال والعمال الزراعيين والمعتقلين/ات السياسيين/ات. كما أنّ ردود الفعل الهشّة والخطوات الأخيرة التي اتخذتها الدول الأطراف والمنظمات الحكومية الدولية التي تدّعي أنها تدعم القيم الديموقراطية وحقوق الإنسان تسهم في مفاقمة العواقب الخطيرة والمدمّرة على هذه المؤسسات.

يجدر بنا في هذا السياق ذكر ثلاثة من أهم الحالات: تتمثل الأولى في قرار الحكومة الهولندية في الخامس من كانون الثاني/ يناير 2022 وقف تمويلها لاتحاد لجان العمل الزراعي؛ والحالة الثانية في قرار المفوضية الأوروبية التعسفي والممتد لتجميد تمويل إحدى مشاريع مؤسسة الحق وإحدى مشاريع اتحاد لجان العمل الزراعي التي يمولها الاتحاد الأوروبي. أما الثالثة فتتمثل في قرار محكمة عوفر العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة الحكم على رئيسة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ختام السعافين، بالسجن لمدة 16 شهراً بعد اعتقالها إدارياً لحوالي 15 شهراً بصورة تعسفية.

إن الامتناع عن كشف ما سمته السلطات الإسرائيلية “دليلاً سرياً” يرسخ أسلوب عمل الاحتلال الإسرائيلي ونظامه القائم على الفصل العنصري. كما تشكّل التصنيفات الأخيرة توسعاً هائلاً في استخدام الاحتلال الإسرائيلي لهذا الأسلوب في محاولة منه لشلّ أي عمل فعّال ومستقل يقوم به المجتمع المدني الفلسطيني. كما أنّ تجريم المؤسسات الست من قبل الاحتلال الإسرائيلي ينعكس بآثار ثانوية وواسعة النطاق على قدرة مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان في استئناف عملها الجوهري، لا سيما عملها في مجال محاسبة السلطات الإسرائيلية على جرائمها وانتهاكاتها للقانون الدولي بحق الشعب الفلسطيني.

إنه لمن دواعي الأسف أيضاً أن الدول الأطراف والمنظمات الحكومية الدولية وغيرها من الأطراف والجهات الفاعلة قد فشلت في اتخاذ أي خطوات فعلية واكتفت بالتنديد القولي بتجريم السلطات الإسرائيلية للمجتمع المدني الفلسطيني، ليس هذا فقط، بل من الغير مقبول أيضاً ان اتخذ بعض منها قرارات تفاقم عملية اضطهاد المؤسسات الفلسطينية الستّ دون أن تتأخذ أي خطوات فعلية لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلية على جرائم الفصل العنصري التي يرتكبها بحق الفلسطينيين/ات.

وعليه، ندعو الدول لا سيما الولايات المتحدة والمنظمات الحكومية الدولية والدول الأوروبية التي تدّعي دعمها للحماية الدولية لحقوق الإنسان إلى:

  • اتخاذ خطوات فعلية للوقوف في وجه المضايقات وحملات التجريم المستمرة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدافعين/ات عن حقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، من خلال المطالبة بالإلغاء الكامل لهذه التصنيفات؛
  • الرفض العلني من قبل الدول للتصنيف الإسرائيلي بحق المؤسسات الستّ؛
  • الإنهاء الفوري للتواطؤ والصمت فيما يتعلق بالنظام الإسرائيلي القائم على الفصل العنصري؛
  • دعوة مسؤولي/ات الدول وصنّاع القرار إلى الاجتماع مع المؤسسات الفلسطينية الستّ المستهدفة.

كما ندعو الأفراد الواعيين/ات إلى من مختلف أنحاء العالم إلى توجيه الانتباه نحو هذا التصنيف الخطير بحق المجتمع المجتمع المدني الفلسطيني وحقوق الإنسان، وإلى التواصل المباشر والعاجل مع مسؤوليهم/اتهم المنتخبين/ات، بالإضافة إلى التأكيد على محاسبة السلطات الإسرائيلية على جرائمها وحماية حقوق الإنسان في فلسطين.

يمكنكم/ن مشاهدة تسجيل المؤتمر الصحفي باللغة الإنجليزية