البحث الذي بين أيديكم، يشتبك بجرأة مع سؤال مثّل في السنوات الأخيرة قضية وطنية بامتياز. فمعالجة واقع التعليم العالي افلسطيني يعني ضمنياً مناقشة السياق السياسي الوطني والاقتصادي، والتاريخي والثقافي والتربوي وتحولاته المختلفة. وقد نجح الباحثان بمهارة في الغوص في بعض هذه التشابكات وتفكيكها وإعادة بنائها بما يوفر فهماً عميقاً للقضية المطروحة. وإذا استطاع الباحثان توصيف واقع التعليم العالي إلا أنهما يتساءلان عن أهدافه ودوره ومساهماته الحالية وموقعه من معركة التحرر الوطني أو دوره التنموي أو حتى إنتاجه المعرفي والعلمي.
ويتعرض البحث إلى ظاهرة الزيادة الهائلة بكم الملتحقين بالتعليم العالي وبشكل عشوائي دون ارتباط ذلك بأي هدف استراتيجي محدد إن كان وطنياً تنموياً أو تحررياً. وهذه اليزيادة جاءت على حساب التقدم بالنوع وليس من أجله، ويحذر الباحثان أيضاً من الزيادة الهائلة بالكم على حساب النوع، لتكون المخرجات جيش من العاطلين عن العمل، وخريجين كفاياتهم بعيدة أو أقل من متطلبات السوق المحلي والإقليمي وحتى العالمي.
التعليم العالي بين الحق فيه وفوضى السوق